أثار مقال أضواء "كاشفة ـ مشروع الجزيرة ورحلة الاحتضار الموجعة" الذي سطره قلم الأستاذ صلاح الباشا بموقع سودانايل هذه المداخلة القصيرة من مزارع وابن مزارع لا يزال قابضا على جمر الزراعة انطلاقا من موقف استراتيجي وقناعات شخصية.
مشروع القضاء المنهجي المبرمج على المؤسسات العامة نابع من الفكر الاجتماعي للجماعة الحاكمة فمن المعروف أن حركة الإسلاميين في مجملها تبنت أسلوب التنمية الرأسمالية منهجا للحياة وسعت تأصل لذلك في فكرها مدافعة ومنافحة عن ذلك مع النيل والقدح في نمط التنمية الاشتراكية والتعاونية، وكون ذلك متأصل في فكر الحركة الإسلامية يمكن التدليل عليه من أن حكومة الإنقاذ وفي أوج المقاطعة والخصومة مع العالم الغربي ومؤسسات التمويل الدولية كانت تطبق بهمة تحسد عليها في "روشتات" البنك الدولي المعروفة مما دفع البنك الدولي أن يشيد بما تقوم به من إجراءات رغم تعليقه لعضوية السودان. ولهذا فإن الإسلاميين عندما شرعوا في تصفية مؤسسات القطاع العام والتخلص منها إنما كانوا يطبقون فكرا يؤمنون به وهو أسلوب التنمية الرأسمالية والدليل على ذلك أن فكرهم يخلو من مفردات مثل الاشتراكية والعدالة الاجتماعية والشعب والجماهير ، والمخاطبة دائما إنما هي للصفوة صفوة رؤساء الشركات وأصحاب رؤوس الأموال والتي تتمحور في قلة تتخذ القرارات ولمصلحتها ومصلحة طبقتها لا أكثر أما يبدو من اهتمام وتأسف على حال المساكين فهو من باب الشفقة والدعوة لنيل الثواب والأجر ببذل شيء من حقوقهم لهم على أنها صدقات وأعمال بر وغيرها من كلمات أفرغت من محتواها تأخذ بيد فاعلها للجنة أو هكذا حسبوا.
الدليل على عدم اهتمام النظام بالمشروع وسعيه لتمليك أصول المشروع لمحدثي الثراء والجماعات الطفيلية يبدو في أشياء مثل:
¨ إلغاء استقلالية مجلس إدارة المشروع وتحويل مدير المشروع مرؤوسا تابعا لوزير الزراعة.
¨ تسييس وظيفة مدير المشروع وجعلها من ضمن مغانم الإنقاذ التي توزعها على جماعتها من بدريين وغيرهم
¨ تمكين الجماعات إياها بتمليكها أصول المشروع بحجة التخلص من الخسارة وبدون أدنى تفكير للعمل على تحويلها من أصول تعمل بالخسارة إلى مؤسسات ربحية مع تقديم نفس الخدمات التي أنشئت من أجلها وبقاء ملكيتها كما كانت
¨ التصرف في أصول تعود للمزارعين مثل التخلص من مطاحن الغلال بقوز كبرو العائد لمؤسسة مزارعي الجزيرة والمناقل التعاونية
¨ الفلسفة الاجتماعية التي يقوم عليها المشروع كونه مشروع إنتاجي خدمي لا تنسجم مع الفلسفة الاجتماعية للحركة الإسلامية القائمة على أساس التنمية الرأسمالية والتي لا تعرف المجتمع والجماعات إلا سوقا ويدا عاملة رخصيه وأضيف إليها من بهار الإسلام أنها ديارا لأعمال البر وكسب الأجر بغية للفردوس الموعود للمتقين من عباده
¨ موقف قيادة السلطة من المزارعين والمشروع يمكن أن ندلل عليه ببعض الموقف لكبار قياديها
ü في لقاء جماهيري لأحد من تعاقبوا على الولاية ذكر أنه لم يتبق لأهل الجزيرة "إلا عمل الأقفاص لتربية الحمام"!!!!!!!! وقتها كانت الكثير من جموع المزارعين خلف أقفاص الأمن الزراعي بحجة سرقة بعضا من غلتهم قوتا لهم ولأسرهم عوضا عن تسليمها للإنقاذيين بحجة تمزيق فاتورة القمح
ü ذكر نافع علي نافع وكان وزير الزارعة وقتها أن المزارع لا يهمه في شيء ولا يمثل شيئا في أولوياته.
ü تصفية المؤسسات التي كانت تقدم بعض الخدمات لمواطن الجزيرة مثل مشروع النيل الأزرق الصحي وتحويل أصوله لأصحاب الحظوة وغيرهم لتعود البلهارسيا لتفتك بالمزارعين وأسرهم!!! وتعود معها دورة المرض الخبيثة والبحث عن العلاج تضخ الأموال في جيوب أصحاب المستشفيات الخاصة
ü الحديث عن إعادة الحياة تدخل في باب الدعاية السياسية ليس إلا وأن كان ثمة شيء فهو تحايل لضخ بعض أموال في تلك الأصول لتباع أو تسلم لصاحب النصيب من البدريين أو المستثمرين من الخليجيين وهي في حالة تشغيلية مضمونة العائد والربحية ، لكن من أجل عيون أهلنا في الجزيرة فهذا مثل عشم الكلب.....
¨ التمويل الربوي للزراعة لإفقار المزارعين وإثقال كاهلهم بالديون حيث لا خيار أمامهم غير بيع الحيازة الزراعية (الحواشة) وهو ما يهدف إليه القانون الجديد للمشروع من أجل أيلولة جميع الحيازات الزراعية لأفراد معدودين أو فرد واحد ولتتحول جموع المزارعين لأجراء عند هؤلاء!!
وأظن أن السؤال عوضا عن أن يكون "ماذا نحن فاعلون بخمس مليون مواطن بلا أمل ؟؟؟" كما طرحه الأستاذ سيكون"كيف ستكون ردة فعل الخمسة مليون مواطن؟ " ووقتها لات ساعة مندم للإنقاذيين وغيرهم من الجماعات الطفيلية التي تعيش على عرق المساكين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق