الأحد، 21 سبتمبر 2008

مذكرات فندك (1)عمر محمد الأمين

مذكرات فندك (1)أتي بي ضمن مجموعة من المصنوعات الخشبية تضم إلى جانبنا ،نحن معشر الفنادك مختلفة الأحجام:
v البنابر
v الكنشة
v كرعين ومروقv ووسائد العناقريب
v السروج وغيرها إضافة لبعض مصنوعات السعف مثل :
v المقاشيش
v القرقريبة
v التباريق
v السباتات
v والكابدلووغيرهاوحيث أنني كنت محظوظا من حيث جودة الصنع إضافة لجوف مستو من الداخل و جرم من الخشب خال من العيون (وهذه عيوب يكرهها الإنسان في الخشب) فقد كنت أوضع خارج المحل ضمن بضاعة العرض لجذب نظر الزبائن خاصة النساء في حالتي (اللهم إلا(....... وبذلك كنت من أوائل المتخارجين من المحل التجاري ـ ويا لفرحة صاحب المحل ـ إلى حيث الاستخدام المنزلي.يبدأ يومي العادي مع فراغ ست البيت " أم حسون" من إبعاد عدة الشاي وإضافة مزيد من الفحم لنار المنقد لإعداد حلة ملاح الفطور. علي أن أكون مستعدا ذلك أنه وبعد غلي كرعين الشرموط أو للحم الطازج والتي يستخدم زميلي الكنش لنشلها ووضعها داخل جوفي لتف الشرموط وتنعيمه ومع أن الشرموط يوضع داخل جوفي دافئا أو حارا في الغالب إلا أني أصبر عليه حيث أني أصيب منه شيئا من الدهن وهو ما يلين عظامي (أقصد خشبي ويجعله طريا لمقاومة أشعة الشمس و المطر التي تتسبب في جفاف عظامي وتشققها وعن علاج تشقق الفندك أحدثكم لاحقا)تعتبر هذه المرحلة الأولى فإن كانت أم حسون تحتفظ بويكة مدقوقة فسأخلد للراحة نوعا ما وإلا فعلي الاستعداد لدق الويكة وهي عادة ما تكون محملة ب"الشرى" خاصة إن كانت ويكة حرة مما يسبب لي الحكة والكاروشة ولو ما تسرب من دهن الشرموط سابقا لصحت وأنا الجماد من الألم ويعقب ذلك مرحلة أرتاح لها كثيرا وهي مرحلة هرس الثوم حيث أن مادته تكتل شراية الويكة مما يريحني بقية يومي!إن أجمل ما عند أهل بيت أم حسون هو أنهم لا يستخدمون الشطة والفلفل في الطبيخ وهذه بهارات نكرهها نحن معشر الفنادك!!!وأحيانا يكون يومي نكدا ففي بعض الأيام تنادي ست النفر جارتنا من الشمال طالبة الفندك "والذي هو أنا" ، وحيث أنها امرأة أوتيت بسطة في الجسم وقوة جسمانية تضارع قوة الرجال علاوة على أنها عسراء (أي تستخدم يديها اليسرى، واليسرى كما تقولون فيها الشيطان" وبذلك تكون إقامتي في بيت ست النفر بين شيطانين شيطان قوتها الجسمانية وشيطان يديها العسراء! ولهذا فأخشى ما أخشاه أن أسمع صوتها فلا خير يرتجى منها وما ينز من دهن من لحم الشرموط عندها تأخذه هرسا ودقا "يطلع الزيت"!! ويبدو أن زوجها صاحب مزاج فهي لا تكتفي بهذا الهرس الشديد ولكنها تقوم بدق وهرس كميات كبيرة من الشطة الحمراء "القبانيت" وهذه شطة لا أراك الله حكتها في جسم عزيز و تعقب ذلك بكميات من الفلفل الأسود وكأنما هي موكلة بتعذيبي من بين أهل الحي!!!وأحيانا قد تطلبني عشوشة وهي امرأة صغيرة الجرم وذات تصرفات خرقاء وغالبا ما تأخذ المشوار لاستلامي مباشرة من داخل المطبخ حيث أنها أقصر من تطولني فوق الحائط الفاصل بين بيتينا. وهذه تجربتي معاها عجيبة فهي لا تجيد ولا تعرف كيف تستخدم الفندك وغالبا ما يتسبب سوء استخدامها في إطاحتي أرضا مع المحتويات من شرموط عزيز أو ويكة غالية فتصب علي لعناتها وغضبها:"دا فندك شنو دا؟؟ فندك السجم والرماد" أريتو فندك التاباني!!"وأنتم تقولون "الصانع الرديء يتشاجر مع أدواته" وأهلكم من الفرنجة يقولون" A Bad Workman Quarrels His Tools "وقد ينتهي يومي صباحا وأنعم بالراحة بقية يومي إلا من مناقير الدجاج والسواسيو التي تبحث عن بقايا شرموط عالق بالداخل أنظر بغبطة لا تخلو من حسد لصديقي فندك القهوة فهو مخصص فقط لدق البن وهذا يمنحه زيتا كما الشرموط في حالتي علاوة على نكهة لطيفة وإن أضيف شيء فهو إما قرفة أو زنجبيل أو قرنفل مما يجعله طريا عطرا ( كما العريس عندكم في الصبحية) لا تقربه السواسيو والدجاج و لا تطلبه عشوشة لأن زوجها لا يشرب القهوة !ملاحظة: لي عودة لعملي الليلي أحيانا هذا إن عشت بدون شق أو طق من يد ست النفر التي تهلكني ولا تملكني وأما علاج الشق والطق في الفنادك فسنخصص له مذكرات منفصلة ففيه العجب!!!

(2)
كنت أود أن أتحدث عن علاج الشق والطق ولكن ست البيت أسعدنا اليوم بزيارة نتوق لها نحن صغار الفنادك وهي إطلالة الفندك الكبير ( الميقا فندك) فقد حضر اليوم بمعية حاجة عشة لإتمام عمل كبير هو فندكة العيش وهو عمل يتجاوز إمكانيتا وقدراتنا وقدرات ست البيت وجاراتها . يدهشني معشر بني أدم وحواء إصراركم على المظاهر والفشخرة مثل فندكة الذرة لتبدو العصيدة بيضاء تسر الناظرين ولكن بدون فائدة غذائية !! ما علينا!!!

زيارة الميقا فندك تحمل لنا نحن معشر القابعين في البيوت وسط الأحياء قصصا عجيبة ومغامرات شيقة فالميقا فندك يصحب حاجة عشة للسوق فهو عدة الشغل لديها ووسيلتها لكسب الرزق. تبدأ رحلته عندما يتوهط في وسط الكارو تحرسه رعاية ركاب الكارو محاطا بجوالات الذرة والبصل وخروف ذاهب في رحلة خروج نهائي. عند الوصول يؤخذ الميقا فندك لمكان العمل حيث تقوم الحاجة وحسب طلب التجار بتجهيز كميات كبيرة من الويكة والبهارات والشطة لعرضها جاهزة .
يعاني اليمقا فندك الأمرين في الأسواق لأن العمل ليس فيهو دهن شرموط أو زيت ثوم ولكنه شطة حمراء قبانيت أو ويكة أو شمار (بالمناسبة كيف تأتى لكم استخدام اسم هذا البهار الرائع لوصف حكاياتكم العجيبة تلك!!!) وبمناسبة الشمارات فهاكم بعضا من شمارات الميقا وهي بعضا من سبب سعادتنا بزياراته النادرة لنا في البيوت:
يقول الميقا:" حاج صالح تاجر الشطة يخلط الشطة بالطماطم المجففة فقد لاحظ شيخنا الميقا أن الشطة تبدأ نار حمراء في باطنه ولكن شيئي فشيئا يبدأ يشعر بالبرودة والرطوبة ومن خبرته يدرك أنها طماطم مجففة!!! فالحاج صالح وهو رجل ملتح يحمل سبحته ويؤم الناس في صلاة الظهر بالسوق يستغل موسم الطماطم ويشتري منها الكميات بتراب الفلوس ثم يقوم بتقطيعها وتجفيفها (وهو عمل تؤديه حاجة عشة وصويحباتها بدون أن بصحبها شيخنا الميقا) يعرض بعضها للراغبين في شراء صلصة جافة والبقية تضاف للشطة لتبدو حمراء شديدة الاحمرار وتزداد الكمية وتباع على أنها شطة حمراء !!! ويجني ربحا وفيرا وربما يسافر به للعمرة أوالحج

ويواصل شيخنا الميقا فندك قائلا "أما الضو فهو يحتفظ بالويكة القديمة ثم يشتري بضعا من جوالات شمار الموسم ويقوم بخلطهما معا ، ونحن معشر الفنادك نعرف ذلك من الشرى وانعدام النكهة في الويكة القديمة وهي تهرس داخلنا، ثم يباع على أنه شمار جديد، بل إن مولانا الضو يحلف بجناهو وعشاهو أنه شمار جديد شمار الموسم!!
++
يدهشنا أنكم تفعلون فعايلكم هذه ولا تلقون بالا لنا أننا ندرك ونرصد مثل هذه الحاجات العجيبة
حانت ساعة الشغل فها هو صوت ست النفر يأتيني وداعا وإلى لقاء!!!

ليست هناك تعليقات: